ارسال تجريبي للفراغ

الجوكر: احتفظ بذكرى الجزء الأول ولا تشاهد الثاني

نايف العصيمي

قضينا ليلةً طويلة للكتابة عن «الجوكر 2» (Joker 2: Folie à Deux)، كان من المقرر حضور الفلم الساعة 11:30 ليلًا في سينما فوكس، وبعد ذلك كتابة المقال عنه ثم تسليمه الفجر، ومراجعته صباحًا لدى فريق التحرير، ليصل إلى مشتركي النشرة وإليك ظهر يوم الخميس.

ولا أخفيك أنني كنت أتمنى أن يكافئني تيد فيلبس بفِلمٍ ممتع يستحق كل ذلك… لكن يبدو أن فيلبس قرّر أن يختبر صبري بدلًا عن ذلك.

الجوكر على نمط «The Hangover»

اشتهر تيد فيلبس بأنه مخرج أفلام كوميدية تجارية، أشهرها الفلم الكوميدي «The Hangover»، الذي حقّق نجاحًا تجاريًّا وجماهيريًّا كبيرًا.

وفي إخراجه فلم «الجوكر» الأول، خرج فيلبس عن إطار الكوميديا التجارية، ليصل إلى الترشّح لجائزة «أفضل مخرج» و«أفضل فلم» في الأوسكار، وجاء ترشُّحه حينذاك إلى جانب سكورسيزي و تارانتينو وغيرهم.

ورغم ذلك النجاح الباهر الذي حققه «الجوكر»، فقد كنت مقتنعًا بأن الفلم رمى بكل ثقله على أداء خواكين فينكس الذي غطى على الكثير من ثغرات الحبكة بالأداء المبهر والضحكة المضطربة. وحقّق خواكين بذلك أوسكار «أفضل ممثل»، بعكس فيلبس الذي توقفت كل حظوظه عند الترشح فقط.

ومع النجاح المنقطع النظير للفلم جماهيريًّا فلا أحد حينذاك اهتمَّ بالنقد السلبي، وحتى لو كتبته، سيُقال عنك أنك تسبح عكس التيار للفت الانتباه!

حاول فيلبس إعادة نجاحه بجزء ثانٍ، كما فعل مع «The Hangover»، لكن معظمنا لم يعد يذكر الأجزاء اللاحقة من فلمه الكوميدي، واكتفى بما شاهده بالجزء الأول. فاقتيات المخرج على نجاح عملٍ من أعماله، ومحاولة إعادته من جديد، أسوأ طريقة يتخذها. وعدا عن أن مثل هذه المحاولات تنتهي عادة بشكل بائس، فهي أيضًا تشوّه ذكرى الجزء الأول وإرثه عند المشاهد.

وهذا تمامًا ما حدث في «الجوكر» الثاني، حيث لاحظت ردة فعل المتحمسين معي في السينما بداية الفلم وكيف هوت في سقوطٍ مدوٍّ إلى إحباطٍ عارم بعد نهايته، أما ردة فعلي فقد كانت الارتياح لوصولنا أخيرًا النهاية.

من الهزلية إلى المهزلة

اعتمد الفلم الشكل الهزلي في السرد، إذ يبدأ بمشهد كرتوني، ثم ينطلق إلى الواقع في محاولة للحفاظ على الهزلية التي طبعها ذلك المشهد الكرتوني في البداية. لكن فيلبس أراد أيضًا الاحتفاظ بشيء من روح الواقعية المظلمة في الجزء الأول، وكذلك أراد صنع فلمٍ غنائي وكأنّنا في مسرحية من مسرحيات برودواي، أو في فلم غنائي من عالم ديزني. 

بذلك الخليط الغريب تحولت الهزلية إلى «مهزلة» تختبر صبرك. ومع كل مشهد واقعي تشعر أمامه أنك أخيرًا بدأت تشاهد فلمًا يستحق المشاهدة، ينقطع ذلك المشهد على أغنية بصوت خواكين البشع. وفي كل أغنية تجد نفسك مجبرًا على الاستماع إلى رداءة موسيقية، باستثناء أغنية واحدة فقط من تلك الأغاني.

لا يختلف اثنان على أن خواكين ممثل استثنائي، لكنه مغنٍّ سيئ. كما لا يختلف اثنان على أنَّ ليدي قاقا مغنية رائعة، لكنها ممثلة ضعيفة. 

شخصية «هارلي كوين» لا قيمة لها، وأغلب اللوم يقع على ضعف أداء ليدي قاقا. هذا الضعف لم نلحظه في تجربتها التمثيلية في فلم «A Star Is Born»، الذي ترشّحت عنه لأوسكار أفضل ممثلة، لأنها كانت تؤدي دور فتاة تحلم أن تصبح مغنية. لذا، لم يكن على المخرج برادلي كوبر سوى أن يطلب منها محاكاة نفسها وحسب.

احتفظ بذكرى الإعجاب الأول

دائمًا أتذكَّر تصريح جيري ساينفلد عند سؤاله عن رفضه تقديم جزء جديد من مسلسله الناجح: «إذا لم تستطِع أن تضيف للعمل، دعه كما هو.» ويبدو أن تلك النصيحة لا يطبقها فيلبس نهائيًّا. «الجوكر» الثاني كان فلمًا بلا قيمة إضافية، بل العكس، كان سقطة.

هذه المرة لم يستطع خواكين إنقاذ شيء أبدًا، بل ما حدث هو العكس: سوء الجزء الثاني أظهر نقاط ضعف خواكين في أدائه المتواضع.

لا أعلم بماذا كان يفكر تيد فيلبس عندما صنع الفلم بهذه الطريقة العشوائية السيئة، وبدأت أظن أنَّ تدخّل الاستديوهات في العملية قد ينقذ أحيانًا الفلم من سقطات صانعه.

وهنا نسأل: هل الحرية الإبداعية المطلقة للمخرج هي الحل الأسلم دائمًا؟

بالتأكيد لا، في كثير من الأحيان يكون العمل ضمن إطار السبيلَ الأسلم نحو النتيجة النهائية. لست متأكدًا من مدى الحرية التي كانت عند تيد فيلبس، لكن لا أجد متَّهمًا غيره يتحمّل سوء المهزلة التي شاهدتها.

«الجوكر» الثاني فلمٌ للنسيان، وتوصيتي: احتفظ بذكراك الجميلة للجزء الأول بعدم مشاهدة الثاني، في حال كنت من كبار معجبيه.


فاصل ⏸️


فلم «A Star is Born»

نشرة أها!
نشرة أها!
يومي منثمانيةثمانية

نحن ممتنون لزيارتك لمدونتنا، حيث ستجد أحدث المستجدات في عالم التكنولوجيا والابتكار. نهدف في هذه المدونة إلى تقديم لك محتوى ذو جودة عالية يغطي مجموعة واسعة من المواضيع التقنية المثيرة.jj