لا تنجر إلى إدمان مديرك على الإنتاجيَّة
المدير المدمن على الإنتاجية غالبًا يتوقع استعداد موظفيه العمل في أيام العطلات وبعد انتهاء ساعات العمل مثله، مما يضاعف شعورهم بالإحباط والذنب.
رأيت صعوبة العمل مع مدير مهووس بالإنتاجية من خلال صديقتي التي أرهقتها «ضرورة» الرد الفوري على البريد الإلكتروني ومكالمات مديرها التي لا تنتهي في كل موعد غداء جمَعنا بها في يوم عطلتها. ما بيَّن لي أنَّ أحيانًا تكمن مأساة العمل في المدير لا في صعوبة العمل نفسه.
يقلقني واقع أن العمل الذي أصبحنا نُعرِّف ذواتنا من خلاله قد تحول إلى وحش يستنزف صحتنا الجسدية وعافيتنا النفسية وعلاقاتنا الاجتماعية. ويزداد هذا الوحش ضراوة في بيئة عمل تضم مديرًا هوسه بالإنتاجية قد يؤثر في ثقة بقية أفراد الفريق في أدائهم، من خلال مقارنتهم عدد ساعات عملهم قياسًا به.
فالمدير المدمن على الإنتاجية غالبًا يتوقع استعداد موظفيه العمل في أيام العطلات وبعد انتهاء ساعات العمل مثله، مما يضاعف شعورهم بالإحباط والذنب، إلى درجة دفعت بعض الخبراءإلى التصريح بأنَّ من الأفضل لمدمني الإنتاجية أن يعملوا بمفردهم، أو برفقة مدمني إنتاجية مثلهم!
فلماذا علينا أن نحذر أشد الحذر من الانجرار خلف هذا الإدمان؟
لأنَّ ساعات العمل الإضافية قد تقتل الإنسان. فقد ذكرت دراسة عالميَّة أُجريت بالتعاون مع منظمة العمل الدوليَّة أن 745 ألف شخص في عام 2016 توفوا بسبب السكتات الدماغية وأمراض القلب الناتجة من ساعات العمل الإضافية. ويبدو أن هذا قد نبَّه بلادًا تتبنى سياسة إدمان العمل مثل اليابان على ضرورة الاهتمام بالصحة النفسية للعاملين، مما دفعها إلى إصدار قانون لتحديد ساعات العمل الإضافية، إلى جانب بعض الإجراءات الأخرى، كرفع معدلات الإجازات السنوية إلى 70% كي يستعيد الموظفون انتعاشهم البدني والعقلي.
كما بدأت بعض الشركات تقديم برامج رعاية نفسية لموظفيها كي تمنع وصولهم إلى حافة الاحتراق الوظيفي. ويؤكد السياسي ورجل الأعمال كيفن أوليري أنه لا يوظف مدمني العمل؛ لكون إدمان العمل لا يعني الإنتاجية الجيدة بالضرورة. فهناك حد فاصل بين إجادة العمل وبين إدمان الإنتاجية.
ثمة عدة طرق للتعامل مع المدير المدمن على العمل. من أهمها الوعي بالواجبات والحقوق ووضع الحدود والالتزام بها أمام تطلُّب المدير، وطلب تأجيل العمل الذي يطلبه منك في وقت عطلتك، وتعمُّدك القول أن اتصاله في غير ساعات العمل قد قطع عليك وقتًا سعيدًا مع عائلتك. كذلك يفيدك معرفة ثقافة العمل في المؤسسة قبل العمل لديها حتى تفهم طبيعة عملك فيها.
العمل ليس كل الحياة؛ هذا ما أدركته البشرية في الجائحة (وللأسف نسيناه)، وهذا ما يجب أن نضعه نُصبَ أعيننا ونحن نتعامل مع مدير مهووس بالإنتاجية.
نحن ممتنون لزيارتك لمدونتنا، حيث ستجد أحدث المستجدات في عالم التكنولوجيا والابتكار. نهدف في هذه المدونة إلى تقديم لك محتوى ذو جودة عالية يغطي مجموعة واسعة من المواضيع التقنية المثيرة.jj