السر في إدارة الوقت
اليوم؛ أعمل صباحًا في شركة ثقافتها كثقافة الشركات الناشئة، فلا أعلم أحيانًا متى ينتهي الدوام، لأنّي ليس عندي هاجس العودة إلى المنزل.
دائمًا، كانت لي حياتان عمليتان متوازيتان. ففي فترة حياتي الجامعية أسست شركتين ناشئتين. حينئذ، لم أكن أملّ ولا أكلّ من العمل، بل أتحمّس لرجوعي إلى سكن الجامعة لأبدأ عملي الآخر وأستكشف ما يخبئ لي من مفاجآت. ثم أسست بعد التخرج شركة ثالثة وتوظّفت في إحدى أكبر الشركات السعودية العالمية. أصبحت عادة ممتعة لي أن يكون عندي أكثر من شيء أعمل عليه. في عملي الصباحي؛ كنت أرى كيف تعمل الشركات الضخمة، وكيف تصنع الآليات من الفريق المتواضع فريقًا ناجحًا وفعّالًا. وفي عملي المسائي؛ أرى كيف أنّي ببناء شركة ناشئة أستطيع تغيير حياة كثيرٍ من الناس.
طوال هذه الفترة، كنت أجرّب طرقًا مختلفة لإدارة الوقت وأقرأ كتبًا عن الإنتاجية. كنت واعيًا جدًّا بأهمّية الوقت، ووصل بي الأمر أن أصبحت أقيس وقتي بالدقائق. أحرص على أن أبدأ عملي في الموعد المحدد، وأذهب إلى النادي في الموعد من دون أي تأخير ولو كانت دقيقة. جعلتني طريقتي هذه أشعر بمعنى «خمس دقائق» التي نستهين بها دائمًا. أحدّث جدولي دوريًا، فما من جدول واحدٍ يكون مثاليًا على الدوام. وإلى اليوم، لا أستطيع القول إني وصلت إلى الحل المثالي لتنظيم الوقت. إن الالتزام بمثل هذا الجدول مرهق نفسيًا، ولكنّ الالتزام بنسبة 80% منه يعتبر كافيًا. أؤمن أن هذه الطريقة لا تناسب الجميع، فهي منهكة لمن لم يعتادوا التنظيم الشديد، أو من يصيبهم الإحباط من الخسارة.
ولكني اكتسبت لياقةً جيدةً لأنّي واظبت على هذا المنوال لأكثر من عشر سنوات متواصلة. وأحد الأمور التي تدفعني إلى الاستمرار في طريقة الحياة هذه هو الحس العالي بالمسؤولية. فكلّما بدأت شيئًا جديدًا، أحسست بأنّه واجب علي، ولا بد لي من إنجازه على أكمل وجه. تغيرت المعادلة قليلًا بعدما انضممت إلى ثمانية. واليوم؛ أعمل صباحًا في شركة ثقافتها كثقافة الشركات الناشئة، فلا أعلم أحيانًا متى ينتهي الدوام، لأنّي ليس عندي هاجس العودة إلى المنزل.
شكّل لي هذا تحديًا جديدًا، ولكن الموازنة هنا ليست مستحيلة. فمع ترتيب الأولويات، وتحديث الجدول، وتمرين النفس على ضبط مواعيد العمل، بدأت أستعيد لياقتي. فأخذت أمرّن نفسي على أن أعمل في السابعة صباحًا، وأخرج في الثالثة مساءً لأعود إلى المنزل، وأتمرّن في النادي، ثم أعمل في مشاريعي الأخرى لأحقق توازن الكفتين؛ العمل والحياة.
ابق قريبًا من فريق ثمانية، آخر أخبارنا وكواليسنا وتدويناتنا في رسالة خاصة وسرّية جدًا، تصلك في كل أسبوع.